16 - 08 - 2024

مدينتي الفاضلة| نجوى في التوحيد والنور

مدينتي الفاضلة| نجوى في التوحيد والنور

نجوى الحفناوي صديقتي المدهشة، روحها احتفظت بملامحها منذ التقينا بكلية الاعلام، هذا الأمس الحي المُغذي .. وهذا في حد ذاته إدهاش ورجاء وفرح عظيم.. لا زالت تشاغب لتسلخ أي متغابي أو فتاي يتحذلق دون تردد أو تأجيل، تجلده بخفة ظل وسعة اطلاع، فتلجم أكبر تخين وتدفع ضرائبها بفخر.. يمرض صوتها لو اضطرت لقمع أو تأجيل رأيها.. نجوى عملت في القاهرة سنوات قليلة بعد تخرجنا، تنقلت من الأخبار للجمهورية ثم انسحبت من صحافة أواخر السبعينات، رغم زخمها بالأستاذة وبالمهنية.. فازت بها الأمم المتحدة مترجمة مثقفة احترافية أمينة، لوثائق ومعاهدات دولية تنشد السلام وتنحاز للإنسانية.. تترجم من الفرنسية والانجليزية إلى العربية، وتعيش أحداثا عالمية حية، ومؤتمرات دبلوماسية بذات الدأب والحيوية، وكأن كل مثيقة مغامرة.. وظلت مصر نابضة في وجدانها.

اكتسبت نجوى ذكاء التقاط التفاصيل، ومتعة النبش لاستنباط الحقيقة، بتعشيق سياسات الدول، وعقليات رؤساؤها مع شبكة المصالح.. حتى أضحت صاحبة كرامات سياسية.

في مهمة خاطفة بالقاهرة،  احتاجت نجوى لشنطة سفر، نصحها ناصح بالتوحيد والنور، سلسلة المحلات الشهيرة بوفرة البضائع وانخفاض الأسعار.. دخلت بحيويتها وفضولها تتفحص المكان والبضائع، وتمارس هواية التواصل الانساني والمجتمعي مع الباعة!! لم يفاجئها عدم التجاوب، لكنها لاحظت تلصص أكبرهم لحية عليها، يتمتم منقبضا هامسا بفحيح يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وعيون تفضحه!! ولم يرتفع صوته إلا بكلمات " لثلاث تخرج المرأة"، وينخفض جبنا!! اقتربت نجوى منه متسائلة بصوت واضح ودود، وماهي الثلاث التى تخرج فيها المرأة؟ لم يجب!! كررت سؤالها ثلاثا، فتجاهلها مشمأنطا مذعورا!! لتحاصره بسؤال " وماهو حكم المرأة المعيلة التي تخرج للعمل للانفاق على زوج عاطل؟ " صمت عن التلاوة، مختبأ في ظل لحيته على المكتب، ولاح شبح ابتسامات شماته من زملائه الباعة.. خرجت نجوى ثائرة من تردي الفكر والسلوك، لكنها اشترت الحقيبة بعد التأني في الفحص والاختيار.

  هذه واقعة عدوانية وتحرش وتنمر علني صريح من بائع ضد زبونة!! واقعة متكررة تتجاهلها غالبية المصريات يأسا من اصلاح، وخضوعا لوضع فرض نفسه بمختلف وسائل الترهيب، وتجنبا لتطاول فج يتنامى لأن الجهل أطفأ بصيص ضوء العقول، وشحنها سلبية واتكالية.. الموقفجدد مخاوف، هل سبب التعدي عليها أنها سافرة ( متبرجة) داخل محل سلفي!! أم لتصور الملتحي أنها مسيحية، أو مسلمة منفلته، فلعنها بما تجهل لتحقيرها بحديث يفرض أن "تخرج المرأة للرجل أو لدفنها، ولشرط ثالث فشلت أنا وصديقتي هالة المحجبة في التوصل لمعرفته.. لكنها شاركتني دهشتي من ازدواجية مالك سلسلة محلات التوحيد والنور الذي يمنع توظيف السيدات، لكي يبيع لهن الرجال ملابسهن الداخلية!! هذه الواقعة هي إحدى ثمرات تأجيل تطوير التعليم العام، وغزو تعليم دينى متطرف.. مبادرات تضامن شيخ الأزهر مع الكنيسة لنشر التسامح وقبول الآخر محمودة، ولا ينقصها إلا جرأة توحيد مناهج المدارس المصرية كلها، وتمشيطها من التمييز، توازيا مع دعم إعلامي نابه.. سألت نجوى لماذا لم تقدم بلاغا بالتحرش، واحتفظ بإجابتها.. لكن أطالب المجلس القومي للمرأة بنوبة صحيان . 
-------------------------
بقلم: منى ثابت

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | مين قطع النور عن مين؟!